الأربعاء، 7 سبتمبر 2011

كيف اضعنا السودان و تفرق الشمل


عندما احتلت بريطانيا مصر عام 1882م ، كانت مصر والسودان دولة واحدة ، تحت حكم التاج المصري التابعة للسلطنة العثمانية ، ثم أطلق عليها الخديوي إسماعيل في أحد فرماناته اسم ( السودان المصري ) ، واستمر الحال كذلك إلى أن اندلعت الثورة المهدية ، التي حاولت التواصل مع مصر عن طريق إقامة دولة إسلامية متحدة بين مصر والسودان ، وحين سقط مشروع الثورة المهدية ، فإنه أفسح الطريق أمام دولة الحكم الثنائي ( المصري- البريطاني ) .
وفي عام 1899م الذي كان في حقيقته حكمًا إنجليزيًّا روحًا وإدارةً ، إذْ لم يكن لمصر نصيب في إدارة السودان إلا دفع تكاليف إدارة شئون البلاد من الخزينة المصرية ، باعتبار أن السودان كان يعد آنذاك إقليمًا مصريًّا ، في حين أن الإدارة الإنجليزية كانت ترمي إلى هدف آخر ، هو أن يكون السودان للسودانيين حتى لا يقوم مشروع دولة وادي النيل التي تمتد من البحر الأبيض المتوسط إلى الأدغال السودانية .
كان الشعبان المصري والسوداني يؤمنان بأنهما شعبًا واحدًا ، وحَّدت بينهما الطبيعية والنيل والحضارة واللغة والدين والتاريخ ، وكان هذا الإيمان يدفع الشعب السوداني إلى الثورة على الاستعمار البريطاني ، مطالبًا بعودة الوحدة مع مصر ، وبسبب السودان تعثَّرت جميع المفاوضات التي جرت بين مصر وبريطانيا التي أجراها زعماء مصر منذ عام 1924م ، حيث كانت بريطانيا تتمسك دومًا باستمرار الحكم الثنائي في السودان الذي كان محل رفض المصريين ، وجاء انقلاب الجيش في يوليو 1952م بقيادة محمد نجيب الذي ولد لأب مصري وأم سودانية ، وكان هذا الأمر صمام الأمان لوحدة البلدين .
منذ ما يقرب من الستين عامًا سقطت الملكية في مصر بقبول الملك فاروق التنازل عن العرش ومغادرة البلاد ، وكان إلغاء الملكية بناء على اقتراح أمريكي كما شهد بذلك المرحوم فتحي رضوان ( في كتابه 72 شهرًا مع عبد الناصر ) ، وكان الأمريكان هم الذي دبروا خلع الملك فاروق لأسباب عديدة منها رفضه الاعتراف بإسرائيل ، أما لماذا إلغاء الملكية فقد جاء ذلك في كتاب المفكر الإسلامي جلال كشك ( كلمتي للمغفلين ) ، ذكر أن حكومة الوفد عندما أصدرت مراسيم أكتوبر 1951 ، التي أعلنت فيها وحدة وادي النيل تحت التاج المشترك وتسمية ملك مصر ملكًا لوادي النيل ، قد قطعت الطريق علي أي تسوية ممكنة مع بريطانيا لا تضمن الوحدة مع السودان ، فلما خُلِع فاروق انتقل اللقب إلى ابنه أحمد فؤاد ولم تكن هناك حكومة مهما كان بطشها قادرة على إصدار مرسوم يجرد ملك مصر من هذه الصفة ، والإنجليز يرفضون أي تسوية لا تنص أولا تحقق انفصال السودان ويسخرون من القرار المصري عن التاج Crown  المشترك و يسمونه Clown المهرج المشترك !!
و جاء المخبر و المدبر الامريكى للتخلص من المراسيم و ذلك بالغاء الملكية كلها بتاجها و القابها و فرح الشعب و هلل بتحقيق امل العمر و لم يدرك معه اننا اضعنا السودان ..

ثوار يوليو و دورهم فى انفصال السودان :
حدث تحول خطير في الموقف المصرى تمثل فى اعادة المفاوضات بين مصر و بريطانيا و قبول ثوار يوليو على مبدأ الاستفتاء  علي انفصال جنوب السودان , و تم اسناد ملف السودان حينها الى الصاغ صلاح سالم دون اى مؤهل سوى انه ولد بالسودان وقتما كان والده موظفاً هناك !! و صرح سالم انه قبل قيام الثورة لم يكن يعرف ابداً شيئا عن قضية السودان و لم يقرأ عن السودان و مع ذلك اوفد مجلس قيادة الثورة صلاح سالم الى جنوب السودان بهدف استطلاع الاوضاع هناك , و لدى وصوله الى الجنوب شارك سالم بعض القبائل فى رقصة كانت تؤدى تحية للضيوف حيث تجرد من ملابسه و اصبح عارياً و نشرت وقتها الصحف العالمية صورته تحت عنوان " الكولونيل العارى " و الأسوأ انه ذهب الى هناك موزعاً الاموال بسخاء شديد على زعماء القبائل بهدف شراء ولائهم لمصر و قد جاء فعله بالنقيض لما كان يريد او لعله يتظاهر انه يريد , حيث رفضت القبائل التصويت لصالح الاتحاد مع مصر خوفاً من اتهامهم بعد ذلك بالتربح و الرشوة على حساب مصالح القبائل الجنوبية ..
و جاء الاستفتاء لصالح انفصال السودان عن مصر و كان اسبابه :
1- مافعله صلاح سالم فى الجنوب .
2- خشية الشمال من الاتحاد مع مصر بعدما رأوه من سياسات الرئيس جمال عبد الناصر قبل توليه الرئاسة و تخلصه من محمد نجيب السودانى الأصل بالصورة التى تمت ,حيث جرى عزله و نفيه بطريقة قاسية و مهينة و هو الأمر الذى ترك أسوأ الاثر فى نفوس السودانيين .
3- بطش العسكر بكل معارضيهم فى مصر مثلما فعلوا مع نجيب و مع الاخوان المسلمين . 



أحمد صلاح 

هناك تعليق واحد:

  1. حكم العسكــر لمصــر وراء الكثير من الانهار فى الدوله المصرية العظمى و انهيار المملكه لا انكر ان له مميزات و لكن عيوبه هى العشوائيه المؤقته و التى تواكب اى تحول فى انظمه الدول من الملكيه الى الجمهوريه ...جاء الوقت لعوده المدنيين للابد لحكم الدوله و بعدها اراهن على عوده السودان الى مصر و العيش بجانب بعضنا البعض مره اخرى ... و اذا كان مصيرنا الحرب للدفاع عن كياننا و اراضينا فلنحارب الغرب من اجل ذلك ... فهكذا الحرب اذا !! .

    ردحذف