الاثنين، 7 نوفمبر 2011

الليبرالية Liberalism


الليبرالية هى الحرية الفردية و هى مذهب سياسي أو حركة وعي اجتماعي، تهدف لتحرير الإنسان من القيود السلطوية الثلاثة  السياسية و الاقتصادية و الثقافية .


هل الليبرالية بالتحرر الثقافى تحرر الليبرالية المجتمع الذى تنشأ فيه من كل التقاليد و القيم ؟  
بالطبع لا .. فالليبرالية تتحرك وفق أخلاق وقيم المجتمع الذي يتبناها تتكيف الليبرالية حسب ظروف كل مجتمع، إذ تختلف من مجتمع إلى مجتمع.. فالليبرالية لا تأبه لسلوك الفرد طالما أنه لم يخرج عن دائرته الخاصة من الحقوق والحريات، ولكنها صارمة خارج ذلك الإطار. أن تكون متفسخاً أخلاقياً، فهذا شأنك. ولكن، أن تؤذي بتفسخك الأخلاقي الآخرين  فهذا لا يعود شأنك. وأن تكون متدينا أو ملحداً فهذا شأنك أيضا.




نشأة الليبرالية ( الليبرالية الكلاسيكية ) :
- نشأت الليبرالية فى  القرن السادس عشر حيث ظهرت نتيجة للحروب الدينية في أوروبا فكان هدفها الأساسى هو التخلص من السلطة الدينية الكهنوتية للبلاد و تحرير عقول المجتمع من استعباد الدولة الدينية الكنسية لهم و تحريمها لنشر العلوم و تنوير المجتمع. 
والليبرالية فى نشأتها تعنى الحرية و حق الفرد  أن يحيا حراً كامل الاختيار وقبول الاختلاف و الحرية والاختيار هما حجر الزاوية في الفلسفة الليبرالية  حيث ان مرجعية الليبرالية تتمحور حول الإنسان، وحرية الإنسان، وكرامة الإنسان . 
- السياسة الاقتصادية فى الليبرالية الكلاسيكية هى الاقتصاد الحر,وفكرة الاقتصاد الحر هو عدم تدخل الدولة في الانشطة الاقتصادية وترك السوق يضبط نفسه بنفسه، وحيث أن الليبرالية تعتمد بالاساس على فكرة الحرية الفردية، فأن فكرة الاقتصاد الحر أو اقتصاد السوق بشكل ايجابي فسيكون التعريف هو ان الفرد ولد حرا حرية مطلقة بالتالى فإن له الحرية في أن يقوم بأى نشاط اقتصادي . 


- عيوب الليبرالية الكلاسيكية هى اتاحة الحرية المطلقة للفرد فى كل شئ لدرجة عدم التزامه بأى قواعد ديمقراطية او بقوانين الدولة التى يعيش فيها لدرجة ان فلاسفة الليبرالية  مثل توماس هوبز وجون لوك وجان جاك روسو وإيمانويل اقترحوا انشاء  نظرية العقد الاجتماعي والتي تفترض أن هنالك عقدا بين الحاكم والمحكوم وأن رضا المحكوم هو مبرر سلطة الحاكم، وبسبب مركزية الفرد في الليبرالية التى رأت انه من الحرية ايضاً التخلص من سلطة أى حاكم يعوق ارادة الأفراد  , فأنه بعد انشاء نظرية العقد الاجتماعى و علاقة الحاكم بالمحكوم اتهم الليبراليون فلاسفتهم بأنهم خالفوا بذلك قيم الليبرالية و الحرية الفردية لهم .. 
لذلك لو تم تطبيق الليبرالية بدون الاستناد لقواعد ديمقراطية و احترام رأى الأغلبية و قوانين ملزمة بقواعد و تقاليد المجتمع فستنتج عنها حالة من الفوضى الشاملة التى تعم المجتمع .

نظريات التطور فى الليبرالية :

1- الليبرالية الاجتماعية ( الليبرالية اليسارية او الأشتراكية ) :


 -نشأت في أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين وهي الليبرالية بشكلها الذي يشمل العدالة الاجتماعية، وتختلف الليبرالية الاجتماعية بذلك عن الليبرالية الكلاسيكية، حيث ترى الليبرالية الاجتماعية أن من واجب الدولة الليبرالية توفير فرص العمل، الرعاية الصحية والتعليم مع الحقوق المدنية  ..  وكان من أهم عوامل ظهورها هو فشل الاقتصاد الحر فى توفير العدالة الاجتماعية للمواطنين . 


- تقترب الليبرالية الاجتماعية من الديمقراطية الاشتراكية التقدمية إلى حد كبير بخصوص السياسة الاقتصادية، فكلاهما يحتل موقعًا وسطًا بين الرأسمالية والاشتراكية كأتجاه ثالث ، لكن الفرق الرئيسي في القيم هو أن الليبرالية الأجتماعية تؤكد أكثر على حرية الفرد كقيمة عليا وبذلك ترفض تقييد الحريات الفردية رفضًا شديدًا، بينما تركز الاشتراكية التقدمية على حكم الأغلبية و تهمل بعض الحريات الفردية. 


2- الديمقراطية الليبرالية :
- هى الشكل السائد للجمع الصحيح بين الديمقراطية و الليبرالية  في القرن الحادي والعشرين , و هي بالتحديد شكل من أشكال الديمقراطية النيابية حيث السلطة السياسية للحكومة مقيدة بدستور يحمى بدوره حقوق وحريات الأفراد والأقليات بينما من واجب الاقليات ايضاً الالتزام برأى الاغلبية و الالتزام بالديمقراطية الكاملة ,و هو النموذج الامثل لما يزيد عن نصف سكّان الأرض في أوروبا والأمريكتين والهند وأنحاء أخرَى.


- هناك نواح فنية تختلف فيها الديمقراطيات الليبرالية فقد يكون النظام جمهوريا كما في الولايات المتحدة وفرنسا والهند، أو ملكية دستورية كما في المملكة المتحدة واليابان وإسبانيا وكندا. فمثلا في المملكة المتحدة صاحب السيادة الرمزية هو الملك الوراثي ولكن صاحب السيادة الفعلية (التشريعية) هو الشعب من خلال نوابهم المنتخبين في البرلمان.




الليبراليات الدينية ( علاقة الليبرالية و الأديان ) :



1- الليبرالية اليهودية :  أصل نشأتها في القرن الثامن عشر الميلادي , و يوجد جانبان في اليهودية: واحد إنساني يقبل الآخر ويحاول التعايش معه وهو جانب أقل ما يوصف به أنه كان هامشياً، وجانب آخر غير إنساني عدواني يرفض الآخر تماماً. ولكن في القرن التاسع عشر ظهرت حركة الاستنارة اليهودية الليبرالية واليهودية الإصلاحية التي أكدت الجانب الإنساني وعمقته و تدخلت لحذف من الصلوات اليهودية أية إشارات لإعادة بناء الهيكل وللعودة وللأرض المقدسة .


2- الليبرالية المسيحية :  وتسمى أحيانا باللاهوت التحرري، هو مصطلح يغطي عادة الكثير من الحركات الفلسفية الدينية المسيحية التي ظهرت في أواخر القرن الثامن عشر وفي القرنين التاسع عشر والعشرين. وكلمة (الليبرالية) هنا لا تدل على حركة سياسية أو على مجموعة خاصة من العقائد، بل على حرية الجدل العملي في المسيحية والمرتبط بفروع الفلسفة الدينية المختلفة والذي نمى وتطور خلال عصر التنوير.


3- الليبرالية الاسلامية : ظهرت العديد من التيارات الفكرية التي تدعو لليبرالية الإسلامية و غالبا ما تدعو للتحرر من سلطة علماء الدين والفصل بين آراء علماء الدين الإسلامي وبين الإسلام ذاته  , و هناك هناك كثير من المسلمين يوصفون بأنهم (ليبراليون إسلاميون).. أي أنهم يؤمنون بالإسلام و ينادون بتطبيق الشريعة الاسلامية ، و في نفس الوقت يتمسكون بمبادئ الليبرالية: قبول الآخر و الحرية و المساواة..


- و رداً على أتهام البعض بأن الليبرالية ضد الاسلام و ضد تطبيق الشريعة , فهذا خطأ تماماَ لأن ليس كل ليبرالى يكون بذلك علمانى يدعو لدستور وضعى مستمدة أصول قوانينه من التشريع الرومانى القديم , بل أن الطبقة الأكبر من الليبراليين فى كل البلاد العربية ليسوا ضد تطبيق قوانين الشريعة الاسلامية من حدود و قوانين مواريث و غيرها طالما من سيطبقها سيحفظ حقوق الأفراد و الأقليات و سيحافظ على الديمقراطية و أقامة مجتمع تعددى مدنى يحترم حقوق المرأة و العمل و يكفل حقوق كل فئات المجتمع .


دخول الليبرالية الى مصر و البلاد العربية :

ظهر التيار الليبرالي العربي أو التيار العقلاني التنويري في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين على أيدي جيلين من المفكرين التنويريين. فكان الجيل الأول يمثل جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده ورشيد رضا وعبد الرحمن الكواكبي وشبلي شميّل وفرح أنطون وغيرهم. وظهر الجيل الثاني في بداية القرن العشرين وكان يمثل طه حسين وقاسم أمين ومحمد حسن الزيات وتوفيق الحكيم وغيرهم. وهؤلاء جميعاً اشتركوا في تيار فكري وسياسي واحد كان ينادي بالمباديء التالية:
- حرية الفكر المطلقة.   - حرية التدين المطلقة.   - حرية المرأة ومساواتها بالحقوق والواجبات مع الرجل.
 - التعددية السياسية.    - المطالبة بالإصلاح الديني.  - المطالبة بالإصلاح التعليمي والسياسي..

- اول ظهور للفكر الليبرالى فى مصر كان على يد محمد عبده و جمال الدين الأفغانى و غيرهم من العلماء و المفكرين و لكن كان الفضل فى ذلك يعود الى فكر محمد على الذى رغب فى استنساخ النموذح الأوروبى المتقدم فكريا و اقصادياً و علمياً فى هذا الوقت فقام  بتنفيذ عملية التغيير من خلال :
1-الابتعاث للخارج 2-المدارس ذات الصبغة الأوربية 3-تدريس مؤلفات الفلاسفة الليبراليين مثل روسو و مونتيسكو 

- و يعد أكبر الأحزاب الليبرالية فى مصر قديماً هو حزب الوفد و مؤسسه هو سعد باشا زغلول حيث خطرت لسعد زغلول فكرة تأليف الوفد المصري للدفاع عن قضية مصر سنة 1918م حيث دعا أصحابه إلى مسجد وصيف للتحدث فيما كان ينبغي عمله للبحث في المسألة المصرية بعد الهدنة (بعد الحرب العالمية الأولى ) .. 
 و كان من أهداف حزب الوفد : تحقيق استقلال البلاد وحريتها وتحقيق الوحدة بين مصر والسودان    , التمسك بميثاق الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية  , التمسك بعروبة فلسطين ,  العمل على رفاهية الشعب وترقيته عن طريق النظام الليبرالي , دعم النظام و الفكر الليبرالى الديمقراطي .. 
وبقي حزب الوفد الذي هو حزب الأغلبية أو كما أطلق عليه الحزب الجماهيري الكبير يتولى الوزارة معظم الوقت في مصر منذ عام 1924م وحتى عام 1952م. 

- وحزب الوفد الذي حكم مصر ورئيسيه سعد زغلول و النحاس صاحبي أكبر شعبية في تاريخ هذا البلد كانا ليبراليين..و تحت حكم التيار الليبرالي لم تتحول مصر لدولة الكفر والإباحية...بل أن كل ما هو جميل في هذا الوطن نشأ في ظل الحكم الليبرالي . واستمرت قوة الدفع التي قادها المثقفون والعلماء.. حتى خبت جذوة هذه  النخبة بالتدريج تحت سطوة الحكم العسكرى بعد انقلاب يوليو 1952 . 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق