الأحد، 25 سبتمبر 2011

الحيادية فى نشأة الوهابية


الوهابية حركة إسلامية سياسية قامت في منطقة نجد وسط شبه الجزيرة العربية في أواخر القرن الثاني عشر الهجري الموافق للثامن عشر الميلادي على يد محمد بن عبد الوهاب (1703 - 1792 ميلاديه ) ومحمد بن سعود أمير الدرعيه حيث تحالفا لنشر الدعوة السلفية وأعلن بعدها عن "الجهاد" وقاموا بشن سلسلة من الغزوات صادروا فيها أموال الخصوم (وكانوا يسمونها بالغنائم ) وخسر العديد من المسلمين أرواحهم نتيجة لذلك ، واعتبرتهم مصادر عديدة أنهم بذلك خرجوا على الخلافة الإسلامية التي كانت تحت حكم العثمانيين بينما اعتبرها الوهابية إقامةً لدولة التوحيد والعقيدة الصحيحة وتطهيرًا لأمة الإسلام من الشرك .


الوهابية تامر بالمعروف متنهى عن المنكر ولا تأخذ بالاعتماد الكلي على المذاهب الفقهية السنية الأربعة وإنما تعتمد على النص المباشر من القرآن والسنة وأقوال السلف الصالح وإجماع العلماء ويصبح كل من خالفهم كافر أو مبتدع ضال أو لديه أخطاء في العقيدة وترى أن منهجها السلفي سوف يؤدى إلى تنقية عقائد المسلمين والتخلص من العادات والممارسات التعبدية مثل التوسل والتبرك بالقبور وبالأولياء والبدع بكافة أشكالها ولذلك يعتقدون بأنهم أهل السنة الحقيقيون والفرقة الوحيده الناجية من النار بينما يرى عديد من علماء السنة أن الوهابيه هى إمتداد لفكر الخوارج لكونهم يطبقون على المسلمين نصوص الكتاب والسنة التي نزلت في حق الكفار والمشركين .


لاقت الحركه الوهابيه رواجا وأسهمت في قيام الدولة السعودية الأولى ووصلت من دمشق شمالاً إلى سواحل عمان جنوباً على يد محمد بن عبد الوهاب الذى ولد في بلدة العيينة شمال غرب مدينة الرياض عام 1703 ميلاديه (1115 هـ) ثم توجه إلى المدينة وأقام ثم رحل لطلب العلم إلى العراق فقصد البصرة وبدأ الدعوة هناك وأوجب على جميع المسلمين أن يأخذوا دينهم عن كتاب الله وسنة رسوله ولكن بعض علماء البصرة ثاروا عليه فتركها وتوجه إلى حريملاء عام 1726 ميلاديه (1139 هجرية) واستقر هناك مع والده يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وكاد أهل حريملاء أن يفتكوا به بعد موت والده عام (1740 ميلاديه (1153 هجرية ) فارتحل إلى العيينة مسقط راسه واشتغل بالإرشاد والدعوة وأقنع أميرها بهدم قبة زيد بن الخطاب وهو أخو عمر بن الخطاب أمير المؤمنين وكان من جملة الشهداء في قتال مسيلمة الكذاب في عام 12 من الهجرة مستندا إلى أن الرسول نهى عن البناء على القبور واتخاذ المساجد عليها وبالتالي فهذه القبة أسست على غير هدى وفتنت الناس وغيرت العقائد وحصل بها الشرك - وهو ما ينادى به السلفيون الآن في مصر- وبالفعل ساعده بجيش يبلغ 600 مقاتل وكانت هذه أول قبه يهدمها الوهابيين في التاريخ ، واستمر الشيخ بعدها في الدعوة بالتعليم والإرشاد ولما رأى أن الدعوة لم تؤثر بالدرجه التى يريدها بدأ يباشر إزالة الشرك بيده عمليا فإمتد ذلك إلى قبر ضرار بن الأوزر وكانت عليه قبة هدمها أيضا وأزال أيضا الأشجار التى كانت تعبد من دون الله وتحول من العيينة إلى الدرعية حيث عقد مع محمد بن سعود (جد الأسرة السعودية) أمير الدرعية أول إتفاق بينهما وعلى أساسه اخذ الشيخ يقوم بدعوته من عام 1158 هـ (1744 ميلاديه) بمساعدته حيث بدأ الجهاد بالكلام والبيان والحجة والبرهان وتطور إلى الجهاد بالسيف لقمع المعارضين وإستمر ذلك نحو خمسين عاما إلى أن توفي عام 1792 ميلاديه (1206هـ ) .


يرى الوهابيون أن زيارة وتعظيم قبور الأنبياء وأئمة أهل البيت عبادة لأصحاب هذه القبور وشرك بالله يستحق معظمها القتل وإهدار الدم وشرعوا بتطبيقها على الجمهور الأعظم من المسلمين بالقوة من العراق والشام شمالا إلى البحر العربي جنوبا والأحمر غربا والخليج شرقا فهدموا قبور الصحابة وأهل بيت النبي وكانت (مكة والمدينة) لكثرة ما بهما من آثار دينية هما أكثر المدن تعرضا لذلك حيث هدمت قبور البقيع عام1805 ميلاديه ( 1220هـ ) في أثناء حكم الدولة السعودية الأولى ، ومع إنتشار أعمال السلب والنهب وقطع الطرق اضطربت الدوله العثمانيه لعدم قدرتها على تأمين موسم الحج ولجأ السلطان العثمانى إلى محمد على باشا يطلب مساعدته بإغراء تحويل الحكم فى مصر لنظام وراثى واسفر ذلك عن قيامه بحمله تأديبيه لتأمين طرق الموصلات بين مصر و الحجاز فوصل الجيش المصرى بقيادة طوسون باشا ابن محمد على إلى ينبع وتمكن من فتح المدينه المنوره وهزيمة الوهابيين وإستمر طوسون باشا في تقدمه إلى جده و استولى عليها ثم إستولي على الطائف و فتحها فى 29 يناير 1813 ، وفى سنة 1818 ميلاديه بعث محمد على ابنه ابراهيم باشا على راس جيش إلى الحجاز و اقتحم نجد و حاصر الرس وعنيزه و الخبر والدرعيه واضطر الوهابى عبد الله بن سعود إلى طلب الصلح و سلم نفسه للجيش المصرى فأرسلوه إلى استانبول و هناك أمرالسلطان العثمانى بقتله و عين محمد على باشا واليا على مكه و المدينه وعين ابراهيم باشا واليا على جده وفي هذا الوقت حاصرت القوات المصرية بقيادة إبراهيم باشا بن محمد علي باشا الدرعية عاصمة الدولة السعودية الأولى ودمرتها تماما حتى تمنع رجوع الوهابيين إليها والتحصن فيها. 


وفي سنة 1824 قام السلطان العثماني محمود التاني بتعيين محمد علي باشا حاكما علي الموره (اليونان ) لمساعدة الثوار اليونانيين في حرب الاستقلال وتمكن ابراهيم باشا من تحقيق انتصارات هائله دفعت روسيا و انجلترا و فرنسا إلى الإتفاق على ضرب الاسطولين المصرى و التركى وتمكنوا من إغراقهما في معركه نوارين البحريه عام 1827 ميلاديه فإنتهت العسكريه المصريه وساعد ذلك على قيام الدعوة الوهابيه مرة أخرى على يد الإمام تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود الذى نجح في إعادة تأسيسها أوائل القرن العشرين تحت قيادة عبد العزيز بن سعود (1902 - 1953) وأصبح نظام الحكم في شبه الجزيره العربيه أن يخلف آل سعود بعضهم بعضا في الإمامة (السلطه السياسيه) وآل الشيخ وعلماء نجد يخلف بعضهم بعضا في التوجيه إلى الحق والدعوة إلى الله (السلطه الدينيه)..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق